سارع بالتعرف على 04 انماط في التعليم وزد رصيدك المعرفي
قدّس الله العلم فوهبه نورا يستضئ به حامله في ظّلمات الجهل، وكان نبراسا يهتدي به النّاس في أمور حياتهم فتدارسوه جيلا بعد جيل على مرّ الأزمان وتواصوا به فيما بينهم كَقَول الإمام عبد الله بن مالك لبنيه : « يا بَنيَّه ! تعلّموا العلم فان كنتم سادة فُقتم، وإن كنتم وسطا سُدتم، وإن كنتم سُوقة عِشتم» وما هذا إلّا لفضل العلم، فهو يسدّد طالبه صغيرا، ويقدّمه ويَسُووده كبيرا، ويصلح زيفه وفساده، ويقوّم عوجه وميله، ويصحّح همّته وأمله بل ويرغم عدوّه وحاسده.
فكلّ عزّ لا يوطّده العلم مذلّة ، ولهذا تسابقت أمم و حضارات، و دول وحكومات على مرّ العصور في طلبه والحثّ على تعلّمه وتعليمه، بل وصيّرته سلاحا فتّاكا تذود به عن حياضها فتحمي به حصونها وترعّب به خصومها، والخاسر الأكبر من أعرض عن طلبه فضيع مجتمعه وتخلّف عن الرّكب، والمعلوم أنّ الجزائر من أبرز الدّول التي تبارت في هذا السّباق وراهنت على المراتب الأولى عربيا وإفريقيا، بل وتسموا للمراكز الأولى عالميّا. إذن فما هو التعليم ؟ و ما هي أنواعه ؟ و كيف استثمرت الحكومات فيه للارتقاء به للمستوى المنشود ؟ .
التّعليم هو ذاك الكمّ من الأفكار و المعلومات التي يتلقّاها المتمَدرس في المؤسسات التعليمية سواء العامة أم الخاصّة وباستقباله للمعارف والعلوم تتطوير قدراته الذهنية ووسائله المعرفيّة وتشجّعه على الخلق والإبداع وتهيؤه للتّصرّف بشكل سليم ومتحضّر في شتى مجالات الحياة، وينقسم الى أربعه أنواع وهي :
1– التّعليم المهني والفنّي:
لطالما كانت جودة التعليم هاجس الدّول مما دفعهم ابتكار نظام جديد قصد التّقييم والتّوجيه في ظلّ المستجدّات ومتطلّبات سوق العمل، ومع التطوّر العلمي والتكنولوجي السريع اضطرّت هذه الدّول إلى زيادة كفاءة المتعلّمين، وإدماج مختلف حاملي الشّهادات والاختصاصات في هذا المجال بتدريبهم على الحياة المهنية فكان هذا النّوع من التّعليم نتاج سياسة رشيدة حيث حرصت على تكوين متعلّمين أكفاء بمؤهّلات مميزة ومعايير محدّدة لدراسة جزئيّة معيّنة كالأعمال التّنفيذية أو الوظائف على مستويات مختلفة نذكر منها: الصناعة، والتجارة، والهندسة، والزّراعة والصّناعة.
2- التّعليم الحرفي:
يتشابه مع نظيره السّابق في اعتماد كليهما على الدراسات التطبيقية في مجالهما إلّا أنّ هذا النوع من التعليم أسهل منه ومدّة تلقيه أقلّ، فهو فرصة ثمينة للمتعلّمين الذين لم يتوافقوا مع اختصاصات المؤسّسات التربوية، ولم يوفّقوا في مسيرتهم الدّراسية؛ إذ يعدّ أرض خصبة لمن يمتلكون الموهبة ويرغبون في إبرازها والإبداع فيها، أو لمن يميلون بطبعهم إلى الأعمال اليدوية ، فكان الخيار الأنسب لهذه الفئة الشّبابية والأصلح لِسُوق العمل، فَبوُلُوجهم يحقّقون أحلامهم، ويسدّون احتياجاتهم؛ و فضلا على زيادة الدّخل الفردي و القومي فهو يدفع بعجلة النّموّ الاقتصادي والإنتاج الوطني، ولا يتسنّى هذا كلّه إلّا من خلال التحاقهم هذه الفئة بمراكز التّكوين والتّمهين الحرفي، ومن بين اختصاصاته: الخياطة، النسيج، النّجارة، تصليح المركبات والأجهزة الكهربائية إلى غير ذلك.
3- التّعليم الأكاديمي:
ويعرّف بأنّه مجموعة من المعارف والعلوم التي يتحصّل عليها المتعلّم في جميع الأطوار الدراسية من مرحلة التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي، ويكون بالتلقين المباشر من المعلّم الى المتعلم داخل المؤسّسة التّربوية، ويقدّم هذا التعليم المواد( الموضوعات) بطريقة منظمة ومنهجية محترفة معتمدا في ذلك على نظريات و دراسات معمّقة، وبأساليب علميّة مدقّقة، وعليه فأيّ معلومة تُقدّم للمتعلّم تكون تحت المراجعة بتفحّصها والتّمحيص فيها من طرف خبراء وأخصّائيين استشاريين؛ ولأنّه نظام تقليدي فالاستغراق للتّنظير فيه يكون على حساب الجانب العلمي ممّا جعل هذا النّمط يُعلي من شأن الشهادة على الخبرة، و يُعدّ الأكثر انتشارا بسب اعتماد بعض البلدان على سياسة مجانية التعليم في المؤسسات التربوية كالجزائر مثلا.
4- التعليم الشامل:
يجمع المتعلمين من مختلف أطياف المجتمع وفئاته قصد تمكينهم من حقّهم في التعلّم؛ و يشمل الطلاب والطالبات ممّن يعانون من أي نوع من أنواع الإعاقة والاضطرابات السّلوكية، وأيضا من ذوي المهارات العالية وكذا الأطفال العاديون في المؤسّسة التعليمية الواحدة، وِفق برامج مسطّرة ومواد مدروسة تتناسب وقدراتهم فهذا التساوي في التعلم مكّنهم من كَسر ذاك الحاجز الذي كان بين الطفل العادي والطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة هذا الأخير الذي عانى من النفور والعزلة، فالتعليم الشامل زرع فيما بينهم الألفة و المحبة ورسّخ ثقافة الاحترام وتقبّل الآخر وأسّس لبناء شخصيتهم وهذا ما ساعدهم على النمو الطبيعي والمتكامل من الناحية النفسية، والفكرية، والجسمية، والثقافية، والاجتماعية، على أن يشمل هذا النّوع جميع المستويات التعليمية من المدرسة إلى الجامعة .
وعلى هذا الأساس تمّ تسخير كفاءات و خبرات من أخصائيين في علم النفس والاجتماع للتعامل مع هذا الفئة بمرونة ومراعاة الفروق الفردية كلّ حسب قدرته واستيعابه، بالإضافة إلى تجهيز المؤسسات التربوية بما يتناسب مع احتياجات كل متعلّم عن طريق هياكل ومنشات مسخّرة لهذا الغرض، وكذا توفير الموارد والتكنولوجيا بما يكفل متطلّباتهم.
وقد شجعت منظمة اليونيسف (UNICEF) سنة 2014م على هذا النوع من التعليم في إطار سياستها الداعية إلى المساواة بين المتعلمين من حيث الجنس واللغة والمعتقدـ، وتجاوز عقبة التفاوت بين المهارات الذهنية، والدّمج الكامل لذوي الاحتياجات الخاصة لضمان التكافؤ في الفرص من خلال لم شملهم في قاعة تدريس واحدة لضمان التفاعل وإزالة الفروق الفردية. فكيف قسّمت هذه المنظمة المتعلمين في برنامجها ؟ .
قامت هذه الأخيرة بتوزيع الطلاب و الطالبات إلى ثلاثة فئات :
- الفئة الأولى: المتعلم العادي وهو ذاك الطفل الذي يكون تفكيره بسيطا يتماشى وفق عمره ولا يشكو من أي إعاقة جسدية أوذهنية .
- الفئة الثانية : و هي التي تضمّ ذوي المهارات العالية الذين يتميزون بالنبوغ وحدة الذكاء، وقوة الحفظ وسرعة البديهة فالتعامل معهم يكون بزيادة المواد التعليمية وتسريع المحتوى، والتكثيف في البرامج والتنويع في المعلومات وطريقة عرضها .
- الفئة الثالثة : هم ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من إعاقات ذهنية أو جسدية وبدورهم ينقسمون إلى أربعة أقسام، وهي:
القصور السّمعي والبصري: وهي فئة الصم البكم حيث تستعمل وسائل للتواصل خاصة منها : لغة الإشارة (libras) وتكون بحركة اليدين، وتعابير الوجه، وحركة الشفاه والعينين، وحركة الجسم كلّه، وكما يمكن ممن يعاني من القصور البصريّ استخدام العدسات المكبّرة الإلكترونية التي تكبّر حروف محتوى النصوص وتعرضه على شاشة خاصة، وتقوم تقنية( snail reader) بقراءة الكتب الالكترونية من خلال استعراض نصوصها على شاشة العرض الواسعة عن طريق الماسح الضوئي(scaner) وهي متوفّرة باللغة العربية للناطقين بها.
أمّا المكفوفون فيستخدمون جهاز (Braille letter) لكتابة الملاحظات والنصوص ويمكن ربطه بالكمبيوتر والاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة كالبريد الالكتروني مثلا.
ب-الإعاقة الذهنية: ويكون التعامل مع أصحاب هذه الفئة بالاتّصال البديل واستعمال استراتيجيات معيّنة.
جـ- العجر البدني: ويكون بتوفير البيئة المناسبة للمتعلّم وتمهيد الطرقات له باستعمال ممرّات خاصة و توفير الكراسي المتحرّكة.
د-اضطرابات طيف التوحّد: وتحتاج هذه الفئة معاملة استثنائية بطرق خاصة لتوصيل المعلومة لهم عن طريق التواصل البديل.
وبعد هذه اللمحة المقتضبة للتعليم وأنواعه نستشفّ أنّ له الدور الكبير الحاسم، والأثر البالغ الفعال في تقدّم الدّول عن الركب أو تخلّفها لذا وجب الاهتمام به وتثمينه وتقويمه والحذر من إهماله والصدّ عنه مصداقا لقوله تعالى في سورة المجادلة: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .
بقلم نجــاة. س
التعبيراتالتعبيرات